السؤال
حياكم الله.
من خلال تجربتكم في الرد على الشبهات، هل من نصيحة لطالب علم الحديث المريد سلوك هذا المسلك؟ وليتكم تذكرون منهجا متدرجا مشفوعا بأهم الكتب والمصادر الأساسية في هذا الباب.
وشاكر لكم وجزاكم الله خيرا
الجواب
فنصيحتي لمن أحبَّ التصدي للشبهات المثارة حول السنة النبوية بخاصة، أو أصول الديانة عامة:
أن يكون معتصما بالحق منغرسا في دلائله قبل تعني المنافحة عنه، ﴿فاستقم كما أُمرت ولا تتبع أهواءهم﴾.
وأعني بذا: (الأهلية العلمية) ابتداءً، وحسن تصور العلوم التي لها صلة بجنس تلك الشبهات.
فهذا الباب من المناظرة عن الحق أوسع من باب النظر، وليس كل ما يمكن النظر فيه يمكن مناظرة كل أحد به.
ولا ينبغي الاشتغال بتفاصيل الشبهات وتتبعها إلا لمصلحة راجحة، بل الأصل:
بيان الأصول المحكمة وغرسها في نفوس المخاطبين.
ثم التوجه إلى الشبهة باستكناه منشئها تاريخياً ومنزعها في الاستدلال، فيكر عليها ببيان المخالفات المنهجية الإجمالية في رصف هذه الشبهة، ككونها شكاً غير منهجي أو أن صاحبها أهمل الأدلة المضادة لها،
ثم يبين وجه القدح في ذات الشبهة من حيث ثبوت دليلها أو المنع من دلالتها.
ولا بأس أن يصاحب الذب عن الأصول الشرعية نوع وعظ أحياناً إذا غلب الظن تأثيره على السامع، فإن النفوس في توجهاتها الفكرية لا تتأثر بالمنطق الفكري فحسب، بل لنزغات النفوس وأهوائها حظ كبير من ذلك.
وقبل هذا كله لا بد من إخلاص القصد في هذا الباب لله تعالى، ثم الصبر على ما يلقاه من أذى جراء ملابسته لمثل هذه الشبهات واللجوء إلى المولى سبحانه في كشف زيوفها.
ومن الكتب النافعة في هذا الباب:
كتابات الإمام الشافعي في مختلف الحديث، ومواطن من رسالته في مناظرته في حديث الآحاد، يكتسب قارئه لغة عالية وتربي فيه ملكة اكتشاف مواطن الخلل في طرح المعارض.
وكذا في كتاب ابن قتيبة (تأويل مختلف الحديث) مادة يستخلص منها القارئ أوجه القصور في كلام المعترضين على الصحاح.
وللمعاصرين جهود مشكورة يستفاد منها في هذا الباب، من أجلها كتاب عبد الرحمن المعلمي (الأنوار الكاشفة)، وكتاب مصطفى السباعي (مكانة السنة في التشريع الإسلامي).